السبت، 31 أغسطس 2019

اسأل الغبار - جون فانتي.



(ملحمة آرتورو بانديني) 

الرواية الثالثة من رباعية الكاتب الأمريكي-الإيطالي جون فانتي، والتي نُشرت سنة ١٩٣٩، هذه الرواية التي أعادها إلى الأضواء الكاتب تشارلز بوكوفسكي، بعد أن وجدها في رفوف إحدى المكتبات التي كان يرتادها، وتعتبر رواية اسأل الغبار، أشهر روايات جون فانتي، وواحدة من روايات الأدب الكلاسيكي الأمريكي. 

قصة الرواية: 
هذه الرواية هي سيرة كاتب، بكل انتصاراتها وهزائمها، بإيجابيتها وسلبياتها، وبظفر الكاتب لما يريد وخيبته، بفشله ونجاحه.
 - وهي إكمال لما بدأه فانتي في روايتيه السابقتين ومكمّلة بصورة أكبر لحياة آرتورو بانديني الذي كان يحلم أن يُصبح كاتبا مشهورًا، آرتورو بانديني بعد أن يصل إلى لوس أنجلوس وفي أحيائها يعيش -بنكبر هيل- وينشر أولى قصصه، ويبقى مستمرًا في حلمه أن يُزاحم اسمه أسماء الروائيين الكبار، ويقع آرتورو في شراك حب النادلة ذات الأصول المكسيكية كاميلا، وتبدأ حياته على المستويين الداخلي والخارجي بالدخول بمطبّات متنوعة تعود بالإيجاب والسلب عليه. 

المستوى الداخلي لآرتورو بانديني:

لم تختلف شخصية آرتورو كثيرا عن ما صوّره جون فانتي في الرواية السابقة (الطريق إلى لوس أنجلوس)، لكن يبدو آرتورو الآن أكثر استقرارا دينيا، فهو يؤدي بين الحين والآخر صلاته ويدعو من أجل نجاح أعماله. ولا يزال بشخصيته الحالمة، وتتطور أكثر بعد أن ينشر قصته الأخرى ويجني منها بعض المال الذي يُساعده على تكاليف الحياة، يبقى هاجس الكتابة يرافقه، يكتب أحيانا ليمزق ما كتب، ويقتنع أحيانا بما يُنتج، يستمر هذا الصراع الداخلي، أما من ناحية المشاعر والحب، فحظ آرتورو يقوده إلى كاميلا، لكنه ليس حظًا جيدًا بالمرة، فكاميلا هذه، لم تُبادله بإي مشاعرٍ للحب أو العاطفة، لكنه يستمر في مطبّات التقدم والتراجع معها، يُساعدها بالمال ويخرج معها، لكن لا يصل إلى ما يزرع في روحه وقلبه الثبات العاطفي، فتسخر وتنتقص منه، لكنه يبقى مستمرًا في سعيه من أجلها حتى النهاية، تبدو في شخصية آرتورو بعض الشيء سذاجة ناجمة من طيبة قلب، ومشاعر الخير، فهو بعيد كل البعد عن صفات الشر، إنسان يُحسن للآخرين حتى يبدو أنه لا يفهم ذاته. 

المستوى الخارجي لحياة آرتورو بانديني: 

على الرغم من كونه في أول الطريق ولم ينشر إلا قصة واحدة، فهو لم يتخلَ عن الشخصية والدور الذي حلم به منذ أن كان قارئًا يافعا معجبا بالفلسفة الإلمانية، فهو كاتب وما يربطه بالآخر هو رابط (كاتب - قارئ) يعيش في ظل الكاتب الذي أصبحه أو ما يعتقد أنه أصبحه، في الفندق أو المقهى أو في حديثه إلى الغرباء، يسعى دائما لإبراز هويته الروائية  لتكون أساس تحديد مقامه وقاعدة الإنطلاق التي يُعرّف بها نفسه الكاتب آرتورو بانديني، تبقى قصته الأولى -ضحك الجرو- التي نشرها ذات تأثير فيه، فهو لا يتنازل عن دورها الأساسي في حياته الأدبية. أما عاطفته، فقد سيّطرت عليه في كثير من المواقف، فينقاد لها بخضوع تام في علاقته مع كاميلا فيتصرف بحماقة، لكنه سُرعان ما يثب إلى رشده، مُصححا ما اقترفه من أخطاء.

مؤمن الوزان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق