بقلم: فيونا ويدمان
تعد الطفولة أكبر بكثيرٍ من كونها مجرد وقودٍ للحنين إلى الماضي، إذ يؤمن الخبراء والمعالجون بأنها تساعدنا بعمقٍ لمعرفة كيف وصلنا إلى ما نحن عليه، كما أنها -وفقًا لروبرت غرين المؤلف صاحب الكتب الأكثر مبيعًا- قد تحمل مفتاح السعادة لنا كبالغين.
في أحد فصول كتابه الجديد "قوانين الطبيعة البشرية" أشار غرين إلى كيف يمكن أن يساهم الإحساس بوجود هدفٍ سامٍ وعالٍ للمرء في زيادة رضاه العام عن الحياة، كما يؤمن هو وغيره من المؤلفين كـ Gretchen Rubin و Sir Ken Robinson أنه من المحتمل أن نحقق ذلك فيما لو تفكرنا في الأمور التي كانت تجعلنا سعداء في الطفولة.
لتجد هدفك، ركز على ما يحفزك:
إن الإحساس بالخسارة أو الإحساس بالنقص تجاه الأمور التي لم نتمكن من إتمامها لهو إحساسٌ يراود الكثيرين منا في نقاطٍ مختلفةٍ في حياتنا، فبدلًا من أن تعتزل كل شيءٍ وتخلو بنفسك أمام البحر، من المهم أن تحاول التعرف على ما يحفزك وما توليه أهميةً لذا يجدر بك أن تقضي بعضًا من الوقت محاولًا اكتشاف هدفك والمسار الذي ستوجه إليه حياتك في أمرٍ يكون له أهميةً كبيرةً بالنسبة لك.
تأتي المحفزات من جهتين: محفزاتٌ داخليةٌ ومحفزاتٌ خارجية، فتكمن المحفزات الخارجية في الأمور الخارجة عنك، كالعلامات المرتفعة والجوائز والرواتب العالية وغيرها من الأشياء، بينما المحفزات الداخلية تستمد من إحساسك الخاص بقيمة حياتك، لذا يعد إيجاد توازنٍ بينهما أمرٌ مهمٌ جدا لسير الحياة، فمتى ما وجدت -داخليا- هدفك الأعلى ستتمكن -خارجيا- من مكافأة نفسك ولكن بمفاهيمك الخاصة!
المسارات الثابتة غير موجودة:
أنت فردٌ فريدٌ من نوعك وكذلك يجب أن يكون هدفك! فمن تركيبك الجيني إلى الفترة الزمنية والبيئة التي نشأت فيها، لا يوجد أحدٌ يشاركك ذات التجارب ولا التوقعات ولا المهارات، ومع ذلك يمكن في بعض الأحيان أن يتم رفضك أو تقييدك من قبل بعض التوقعات الاجتماعية والتي بدورها تملي عليك مساراتك في وقتٍ مبكرٍ جدا من حياتك، فإذا قادتك هذه الأمور إلى مكانٍ غير مرضٍ وغير مريحٍ بالنسبة لك، فقد حان الوقت لأن تخاطر وتسمح لنفسك باكتشاف شغفك وتوقف شعور الخوف من ارتكاب الأخطاء من أن يعيقك.
نقب عن هدفك:
على الرغم من التحدي؛ هناك أساليبٌ مختلفةٌ يمكنك استخدامها للبدء في تحديد هدفك، وبالعودة إلى كتاب "قوانين الطبيعة البشرية" لروبرت غرين اقترح عدة وسائلٍ يمكنك إتباعها:
-فكر في نشاطٍ كنت تحبه عندما كنت طفلاً ولكنك لم تعد تفعله الآن.
-عد ومارس هذه الأنشطة والألعاب وراقب شعورك حيال الأمر.
-تحدث مع أشخاصٍ يعرفونك جيدًا، احكِ لهم قصتك ومشاعرك، اخبرهم عن شغفك، فقد يروا بعض الجوانب التي أغفلتها ولم تعرها انتباهك.
-أخيرًا، تخيل يومك المثالي، أين أنت؟ وماذا تفعل؟ اشرك حواسك كلها في الأمر، فهذا الأمر قد يساعدك في مسارك لتحديد هدفك ويحفزك حتمًا للوصول إلى ذلك اليوم المثالي.
لن يكون كل شيءٍ سلسًا:
أحيانًا حتى مع كونك متأكدًا تمامًا من أنك تعرف ما تريد أن تفعله في حياتك؛ تصل إلى بعض النقاط التي تتساءل عنها، وفي أحيانٍ أخرى قد تجد أنك لا تزال تبحث عن هدفك الذي لم تصل إليه بعد، رغم كل محاولات التنقيب والتقصي، وحينها سيتوجب عليك أن تهيئ نفسك للقيام ببعض التغييرات الكبيرة في حياتك، فلتصبح الشخص الذي يجب أن تكون عليه يتطلب منك ذلك بذل المزيد من الجهد.
وكما هو الحال مع اختياراتك الأولى في الحياة، سيحاول الناس التأثير على قراراتك وغالبًا ما سيختلفون معك، لذا فمن المهم أن تضع في اعتبارك أن تعريفك للنجاح لن يكون نفس تعريف الأشخاص الآخرين له، وأنه عليك أن تعثر على طرقٍ تتغلب بها على الشكوك التي تتسرب إليك جرّاء كلامهم وتتخلص من السلبية والمعتقدات المقيّدة لك.
وإذا شعرت بأنك تضيع الوقت دون أن تصل لأي هدف؛ فدع تجاربك السابقة تأخذك خطوةً إلى الأمام لإيجاد شيءٍ أفضل لنفسك.
هدفك سيكسبك بصيرة:
بدلًا من أن تمضي حياتك وفي طياتها بعض الندم، يساعدك الشعور بوجود هدفٍ لك في أن تنظر للحياة أمامك بكل بصيرةٍ وصفاء، ويمنحك في أن تحدد أولوياتك وأهدافك الصغيرة وفق أهدافك الكبرى التي تطمح للوصول إليها على المدى البعيد.
إن قيامك بخطواتٍ تعلم أنها ذات مغزى -حتى لو كانت على نطاق ضيق- فإنها ستزيد وتضاعف من شعورك بالامتنان والذي يعتبر سمةً مشتركةً بين شعوب العالم المنجزة والمحققة لأهدافها.
لذا، إذا كنت ترى أنك مستعدٌ لإيجاد هدفك؛ اجلس واحلم بطفولتك.
-الترجمة: عبير علاو
-التدقيق اللغوي: عبد الله علي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق