المشاركات الشائعة

الأربعاء، 30 يناير 2019

حوارٌ حول الفن والجمهور والنشاط الفني باستضافة فنّان كاتابلت لشهر أكتوبر بريان ريا- نيكول كابوتو.



"إذا رأيتُ الشمس تشرق من حينٍ لآخر، أشعر أنني بخير، كما لو أنني أنجزتُ ما لم يفعله غيري"

كجزءٍ من برنامجنا الخاص بـ فنّان كاتابلت، أجرت نيكول كابوتو -مديرة قسم الفنون في كاتابلت- حوارًا مع فنان شهر أكتوبر بريان ريّا حول الفن والإبداع وحياة الفنان.

لأجل ميزة "فنّان كاتابلت" الجديدة، نتعاون مع فنانين موهوبين جدا، سواءٌ كانوا مستجدين أم معروفين، لابتكار أعمالٍ فنيةٍ جميلة، ومحفزةٍ للفكر لأجل المجلة.
رسومات بريان ريا ليست مذهلةً فحسب، بل إنها مبهجةً جدًا وتنم عن ذكاء. تتميز أعماله بالبساطة غير أن باستطاعته نقل المفاهيم المعقدة بإحساسٍ كبيرٍ ودفءٍ وروحٍ لا تخلو من حس الفكاهة. لأجل الأسباب المذكورة آنفًا، شعرتُ بسعادةٍ غامرةٍ لاختياره كفنان شهر أكتوبر ليساعدنا في تفعيل هذا البرنامج الجديد والشائق في كاتابلت.
إذا لم تكونوا على دراية بأعمال بريان، فهو يبتكر رسومًا تحريريةً للعديد من صحف النشر بما في ذلك "عمود الحب الحديث" في النيويورك تايمز. هو فنانٌ موهوب، وإنّي أتحرّق شوقًا للحصول على كتابه القادم "الموت يفوز بسمكة ذهبية" (Death wins a goldfish) المرتقب صدوره عن أبرامز في فبراير. للإطلاع على المزيد من أعماله يمكنكم زيارة موقعه على الويب ومتابعته على الإنستقرام.

نيكول كابوتو: صف لنا عملية الرسم، بدءًا من وصولك للفكرة، والمراحل التي تمر بها، إلى تنفيذ القطعة النهائية؟
بريان ريا: أحب أن أقرأ المقال عدة مراتٍ قبل الشروع في الرسم. إذ يساعدني في فهم أسلوب الكاتب وما يحاول إيصاله بشكلٍ أفضل. "هل هو جادٌ أم ساخر؟ كيف يشحن النص بالعاطفة؟" مثل هذه القوائم تساعد في سير هذه العملية. أدوّن على عجلٍ الأفكار الأقرب إلى "صوتي" أو الأشياء التي تتماشى مع عالم الرسم الذي أميل إليه.
أحيانًا يظل العمل بسيطًا كالكلمات، وفي أحيانٍ أخرى يتطور إلى رسوماتٍ وصفية. أفكر في اللحظات الرئيسة التي يصفها المؤلف، وماهية الشعور الناشئ عن كل حدثٍ وأحاول رسم صورٍ تلتقط هذه اللحظات العاطفية؛ مثل الفرح والحزن والعزلة والطريقة التي ينظر بها شخصان إلى بعضهما والتوتر بينهما... إذا استطعتُ مجاراة ذلك في عملي، عندئذٍ أشعر وكأنني قمت بوظيفتي. لا أحاول أبدًا تكرار ما يصفه المؤلف. وإنما أحاول ابتكار قصةٍ موازيةٍ للقارئ أو المُشاهِد. وآمل أن الأشخاص الذين يرون عملي (وعملائي) يستمتعون بطريقتي هذه.

ما هي الأدوات التي تفضل العمل بها؟
قلم رصاصٍ وقلم حبرٍ وحبرٌ وورقةٌ على الدوام. بالنسبة لبعض الأعمال التصويرية، أستخدم برنامج فوتوشوب (Photoshop) كأداةٍ لإضفاء اللمسات الأخيرة، ولكن كل شيءٍ يبدأ دائمًا بالرسم والتلوين.


كيف تؤثر ممارستك الفنون الجميلة على عملية الرسم التجارية الخاصة بك؟
أميل إلى التنقّل بين أنواعٍ مختلفةٍ من المشاريع في الاستوديو. بعض الأعمال أجهزها للعملاء، وبعضها لهواة جمع القطع الفنية، وبعض الأعمال تُنقل للخارج بينما تُعلّق قطعٌ أخرى على الجدران. تتداخل كل الأعمال بطرقٍ مختلفةٍ وأعتقد أن هذا ما يحافظ على إنعاش روح الأشياء في الاستوديو. قد أكتشف شيئًا في قطعة؛ أكبر مما يمكن أن أستطلعه في رسمٍ توضيحي، أو أكتشف شيئًا ما في قصةٍ متحركةٍ مما يمكن تجسيده في لوحة. الأمر أشبه بإعداد حساءٍ به الكثير من النكهات.

هل لديك أي فكرةٍ حول أهمية دور الرسام/ الفنان/ المصمم ومسؤوليته في الأوقات الصعبة في الوقت الراهن؟ ما واجبك كفنّان؟
لطالما وُجدت رسوماتٍ تصويريةٍ قوية، لكن في الوقت الراهن نرى أن هذه القوة أصبحت تزداد. نتشارك أكثر، ونرى أكثر، ونحن عرضةٌ لكثيرٍ من الضجيج البصري بوتيرةٍ أكبر وبسرعةٍ أكثر من أي وقت مضى. لقد ساعدت هذه القوة البصرية المرشحين على الترشح للانتخاب (تذكروا ملصق حملة الأمل الذي أُطلق لمساندة حملة أوباما الانتخابية بريشة الفنان شيبارد فيري) وشجعت الناس على الحراك (تفكروا في كل الصور التي ترونها في الحراك النسائي). من شأن هذه القوة أن تثير الجدل العقيم على حدٍ سواء. وللأسف تعمل هذه القوة -أحيانًا- على حض الجماعات للقيام ببعض الأعمال الشنيعة ومن الأمثلة المروعة لذلك: إطلاق النار على صحيفة شارلي إبدو في باريس.
يجب على كل مصوّرٍ ومصممٍ أن يكون مسؤولاً عن هذه القوة، لا سيما فيما يخص كيفية استخدامنا لوسائل التواصل الاجتماعي. هذه الأدوات بمثابة مكبرات صوتٍ عندما يتم تطبيق ما يعرض في الصور ونشرها بلا مبالاةٍ دون أخذ تأثير الصور في عين الاعتبار، فإن الأمر يشبه صراخك من نافذة منزلك في كل مرةٍ تشعر فيها بالضيق. ولا ينبغي فعل ذلك أبدًا! جزءٌ من المشكلة يكمن في أن هذه الأدوات الإعلامية هي علامةٌ تجاريةٌ جديدةٌ -بالمقارنة مع المجتمع- ونحن كمستخدمين لهذه الأدوات لا نتمتع بالخبرة الكافية حول كيفية الاستفادة منها بأفضل طريقةٍ ممكنة. ولا أستثني هنا نفسي.
عند استخدام هذه الأدوات بشكلٍ صحيح، فإنها تبث كل قوةٍ في العالم للتأثير في حركة التغيير. بيد أن وقوع هذه الأدوات في الأيدي الخطأ لا يساعد إلا في خلق المزيد من الضجيج البصري الغاضب أو الصور العبثية التافهة. مثل التأثير النهائي كمثل صراخ طفلٍ في نوبة غضبٍ أو فتىً متنمرٍ يسخر من كل شخصٍ يراه في ساحة اللعب.
لستُ أصبو لأن أضرم الحرائق من أجل أن تبدو بصريًا أكثر توهجًا. بكل ما يمكن أن تبعثه الأخبار في نفسي من شعورٍ بالإحباط أحيانًا، فإن الحقيقة هي أنني لست ذاك النوع من الفنانين. إذا كنت أقوم بأي شيءٍ له علاقةٌ بالسياسة، فإنني أفضّل أن أجعل المشاهدين "يشعرون" بالنار أولاً. وخير مثالٍ على هذا، سلسلةٌ من الرسوم المتحركة التي تدعو المستخدم للعمل، والتي عملتُ عليها مع المصمم/ الرسام بابلو ديلكان وقد أسميناها "قلق الانتخاب". تم إنشاؤها في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية عام 2016. وهكذا إذا استطعت التأثير على الناس عاطفيا، فيمكن لذلك أن "يحرق" أكثر، وربما يؤثر ذلك على المُشاهِد ليغير بعضًا من سلوكه أو تفكيره.

هل كنت ترغب منذ البدء في أن تصبح رسامًا أو كان ثمة مسارٌ مختلفٌ قادك إلى هنا؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هو هذا المسار؟
أنتمي إلى عائلةٍ من الرواة الرائعين وقد ألهمني هذا وحفزّني، لكن الرسم كان الشيء الذي اكتسبته بشكلٍ طبيعي. ومن المنطقي أن تجد في نهاية المطاف ذلك المكان الذي تلتقي فيه هاتان المهارتان.

هل لديك أي نصيحةٍ توجهها لمن يرغب في أن يصبح رسامًا؟ وماذا ينبغي أن يفعل لمشاركة أعماله وتلقيه للعمولات؟
كل فنانٍ يلزمه نصيحةٌ مختلفةٌ وأمامه مسارٌ مختلفٌ للعمل كرسام، ولكن كنقطة انطلاق للبدء: إذا كانت رغبتك في أن تكون رسامًا تضاهي محبتك لأي شيءٍ في العالم، فاجعل هذا الأمر محور حياتك؛ في كل ما تقرأه، وما تفعله، وأصدقائك وعائلتك (أو حبيبتك)، ووقت فراغك، ومساحتك الخاصة، ومنزلك. اجعل من الفن عمل حياتك دون أي تنازلات.
مع توفر كل الأدوات التي يمكنك من خلالها مشاركة أعمالك، فمن الرائع أن تكون رسامًا. أعتقد أن أفضل طريقةٍ لذلك هي الاستمرارية. ضع خطةً تتناسب بشكلٍ جيدٍ مع طبيعة العمل الذي تقوم به. ولا تتقاعس عن القيام بمتطلبات عملك أو الترويج له.

كيف تبدو حياتك اليومية كفنان؟ ما هي عيوبك وأكثر الأشياء التي تحبها في أسلوب حياتك الخاص؟
باتت الأمور مختلفةً بعض الشيء هذه الأيام بوجود فردٍ يبلغ من العمر عامين في المنزل. أفضّل الاستيقاظ في وقتٍ مبكرٍ لتناول الإفطار وقضاء بعض الوقت في الهواء الطلق مع السيد صبح الباحث عن السحالي والطيور الطنانة. يملؤني هذا بالشعور بالخير والارتياح. أصل إلى الاستوديو بحلول العاشرة، متأخرًا عمّا اعتدتُ عليه، لكن أعمل بكفاءةٍ أكثر طوال فترة وجودي هناك. تختلف أيام العمل حسب ما هو موجودٌ في الجدول بين الرسومات التوضيحية والرسوم المتحركة  والتلوين. في باقي الأيام، أقوم بإعداد الفواتير والتقديرات الحسابية. أظل مشغولا وأخلط الأمور ببعضها للمحافظة على تجدد الأشياء وحيويتها. أعود إلى المنزل على وقت العشاء، ثم أعمل أكثر بمجرد نزول السيد ليل. أحب العمل في وقتٍ متأخرٍ عندما أستطيع. إذا رأيتُ الشمس تشرق من حين لآخر، أشعر أنني بخير، كما لو أنني أنجزتُ ما لم يفعله غيري.

-نيكول كابوتو: المديرة الإبداعية لشركة Counterpoint Press، والمديرة الفنية لكاتابلت، والشريك المؤسس لمؤسسة (She designs books)، وهي منظمة تحتفي بالنساء المصممات للكتب. عملت نيكول سابقاً نائبة رئيس قسم الإبداع في نادي الكتاب (هاشيت). ومن جملة ما فازت به من جوائز: جائزة العرض الأول (One Show)، وفنون الاتصال (Communication Arts)، و( Art Director's Club) و (Type Director's Club)، جائزة AIGA/NY، و التصميم العالمي هاو (HOW International Design)و التصميم الإقليمي برنت (PRINT Regional Design) ومعرض نيويورك للكتاب، وجائزة الحبر الذهبي الوطنية، ومنافسة لندن الدولية الإبداعية، ومجلة ستِب للتصميم STEP، وشبكة المحترفين للنشر Publishing Professionals Network .
الانستقرام: nlcaputo@، تويتر: NLcaputo@

لزيارة موقع الفنّان بريان ريّا: http://www.brianrea.com/ ولمتابعته على الانستقرام:
-الترجمة: بلقيس الكثيري
-التدقيق اللغوي: عبد الله علي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

افتتاح موقع قرطاس الأدب

  افتتحنا موقع قرطاس الأدب ويمكنكم قراءة آخر مقالاتنا المنشورة عبر موقع قرطاس الأدب