المشاركات الشائعة

الخميس، 22 نوفمبر 2018

الحب الصوفي.





.
.
الحب الصوفي: وهو حب فلسفي، يهيم بالجمال، لينفذ من ورائه إلى معانيه الروحية والميتافيزيقية، وقد تأثر أصحابه أبلغ تأثر بآراء أفلاطون في الحب والجمال. وأقدم عرض لنظرياتهم وقفنا عليه في المجتمع الإسلامي نجده في رسائل إخوان الصفاء، ونوجز القول هنا في آرائهم مشيرين إلى أصلها اليوناني: .
.
يرى هؤلاء أن الهيام بالجمال الجسدي، والوقوف عن حدوده، من شأن العوام والجهلة، "الذين إذا رأوا مصنوعا حسنا، أو شخصا، تشوقت أنفسهم إلى النظر إليه، والقرب منه، والتأمل له"، لا يتجاوزون في نظرتهم حدود المادة وغاياتها الدنيئة. وليس الحب الحق إلا باعثا من أقوى البواعث على التمسك بالفضائل، والوقوف على الأخلاق الحميدة وتلقينها. والعشق -في أسمى صوره- ارتقاء من المحسوسات إلى المعقولات، ومن الأجسام إلى الأرواح، نتيجة لتهذيب النفوس، وارتقائها ورياضتها، إذ تتدرج من حب الأشكال، إلى حب الصور المجردة في عالم الأرواح، إذ جميع المحاسن والزينة ما هي إلا نقوش وأصباغ ورسوم، قد زينت بها ظهور الأجسام، كما إذا نظرت إليها النفوس الجزئية حنت إليها وتشوقت لها، لا هياما في بها في ذاتها، كما يحب الأطفال الدمى واللعب، ولكن لدلالتها ومعانيها. .
.
ونضرب هنا أبيات لابن العربي: 
يـــــا خليلي قفا واستنطقـــا *** رسم دار بعدهم خربا 
واندبـــــا قلب فتى فارقة *** يوم بانوا، وابكيا وانتحبا
رحلوا العيس ولم أظفر بهم *** ألهو كان أم طرف نبا
لـــم يكن هـــذا ولا ذاك، وما *** كـان إلا وله قد غلبا .
.
يقول ابن العربي في شرحه لهذه الأبيات التي نظمها: يا خليلي: يخاطب عقله وإيمانه؛ يقول لهما: استنطقا في موقف من المواقف الإلهية آثار منازل الأحباب، بعد رحيلهم عنها وخرابها بعدهم، فإن القلوب إذا فارقت أصحابها متوجهة نحو حضرة الحق التي محبوبة لها، تتصف بالخراب لعدم الساكن. 
والعيس: الهمم امتطتها القلوب من غير علم مني بذلك، ولا أدري: السهو كان مني أم نبا طرفي عن إدراك ذلك من غير سهو. إي ما سهوت ولا نبا طرفي، وإنما شغلي بحبه حجبني عنه، كما حكى عن مجنون بن عامر حين جائته ليلى في حكاية طويلة، فقال لها: إليك عني، فإن حبك شغلني عنك. .
.
مقتبس ومعاد ترتيبه من كتاب النقد الأدبي الحديث-محمد غنيمي هلال.
مؤمن الوزان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

افتتاح موقع قرطاس الأدب

  افتتحنا موقع قرطاس الأدب ويمكنكم قراءة آخر مقالاتنا المنشورة عبر موقع قرطاس الأدب